ثورة تراق من أجلها الدماء لقلب تراب الوطن الذي تعفّن وتسرب إلى الجذور مما جعل الشعب يكسر جدار الخوف وينطلق غير آبه بشيءٍ إلا الخلاص، ففي الماضي كان الشعب يخاف الحاكم فيسكت على الظلم والإهانة خوفاً على نفسه وعلى أسرته، اليوم إنقلبت المفاهيم و أصبح الحاكم يخاف من هبّة الشعب وثوراته فيعمد إلى الإصلاح قبل فوات الفرص . مثلما حدث في تونس و مصر. الحفناوي رجل أصيل شهم كان طيلة سنوات القهر و الظلم يحبس أنفاسه ، لأنه انسان بسيط من عامة الشعب التونسي ، احمد الحفناوي خرج للشارع إبان ثورة 14 يناير2011 التي أطاحت بحكم بن علي الذي دام23 سنة من القمع و السخط ، خرج الرجل ليطلق العنان لما يخالج نفسه و قد هام على وجهه متحديا قرار منع التجوال ليصرخ بصوت عال و بكل حماسة و فخر " لقد هرمنا " من أجل هذه اللحظة التاريخية....
هذا الرجل الطيب كانت عيون الكاميرات تراقبه أين ما حل في مقهاه الذي كان يستقبل فيه منتقدي زين العابدين المخلوع في الشارع ، وعند الجلوس في أماكن منزوية بعيدا عن تلصص رجال الأمن .ما يزال يتذكر تلك اللحظة التي كان ينتظرها حين تلقى وشعبه الجريح المتعب نبأ هروب الطاغية الفار بن علي إلى السعودية. وقف الحفناوي في مواجهة الكاميرا يغالب الدموع ، ويكشف سر فرح مكبوت في ضاحية المحمدية قرب العاصمة تونس حين إنبلج الصبح عن خلاص الشعب من دكتاتور غلب شعبه وأهانه ومشى في قافلة المنتفعين والمرتزقة من أقاربه و زوجته وأهلها التي لم تكن تسمع لأنين التوانسة طوال ثلاثة وعشرين عاما تربع فيها على مقاليد الأمور وعلى رقاب المساكين الذين نهب خيرات بلادهم، وحولهم إلى عبيد لا يملكون من الوطن سوى حق البقاء ، ولكن تحت سطوة الجلاد. وقف يعبر عن إرادة مغيبة لشعب تونس الأبي الذي رفض بشيبه و شبابه حياة الذل و الهوان و قال لبن علي و أتباعه " ارحل " Dégage إختصر الحفناوي تاريخ الظلم والقهر بكلمتين أثارت أحاسيس لا فحسب شعب تونس، و إنما كل الشعوب العربية التواقة إلى الحرية و الكرامة الإنسانية و الديمقراطية كشعب مصر الأبي و ليبيا والبحرين و سوريا و اليمن و غيرها .....
في لحظة تاريخية مهمة وضع الرجل الشيخ يده على رأسه و قال بصوت أجش حزين " لقد هرمنا ...." ثم بكى على عمر فات منه و ضاع بسبب ما جناه هو وأمثاله من قمع و ظلم و حرمان .. هرمنا و لم نجد رغيفا يأكله شعبنا زمانا ، فجعنا قبل الأوان ، هرمنا ونحن نحلم بغدٍ أخضر جميل في تونس الخضراء !! هرمنا ونحن ننتظر من ظننا انه لن يجيء، فجاءنا النصر و الحرية مع فجرٍ جديد، و ثورة عظيمة أضاءت سماء يومٍ جميل سعيد، و حين ثار الشعب ضدّ الظلم ; و القهر المقيت ، ضّد القيد و النار و ضرب الحديد .... فصاحب مقولة " لقد هرمنا " و كأني به جاء في وقت مناسب ليثبت عن جدارة قول الشاعر:
عش عزيزاً أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود فاطلب العّز في لظى ودع الذّل ولو كان في جنات الخلود
إن الحفناوي المواطن التونسي العادي جدا جدا ، يعتبر رمز الثورة التونسية بل قل كل الثورات العربية التي حصلت و تحصل من أجل اسقاط الأنظمة الديكتاتورية العميلة و طرد اللصوص الخونة و المجرمين سراق ثروات الشعوب .
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد لليل أن ينجلي و لا بد للقيد أن ينكسر
" أبو القاسم الشابي "
اضف تعليقك على هذه المادة
|
serbah - algerie التاريخ:
28-03 -2013
|
الحفناوي انه ذالك الرجل الذي نطق بمكنون ما تحمله قلوب الكثيرين من المغبونين في هذه الامة لذالك انطلقت كلمته بسرعة الضوء لتصل الى وجدان ضمائر هؤلاء فتحية اكبار الى من اعاد لنا شبابنا بسحر تلك الكلمات الرائعات حفظك الله يا حفناوي
|
|
|
|